
إرث سواريز يبحث عن خليفة في الكلاسيكو

لا توجد مباراة تضاهي “الكلاسيكو” الإسباني في عالم كرة القدم، من حيث الشهرة والشغف والتاريخ، لأن المواجهة ليست مجرد لقاء بين فريقين، بل صراع أيديولوجيات كروية، ونزال يحدد مسار موسم بأكمله.
وفي قلب هذا الصراع، يبرز اسم الهداف، ذلك اللاعب القادر على حسم الأمور بثلاثية تاريخية تخلد ذكراه للأبد.
بالنسبة لجمهور برشلونة، يظل يوم 28 أكتوبر 2018 ذكرى محفورة في العقول. يومها، اجتاحت عاصفة أوروجويانية شباك ريال مدريد.. كان ذلك هو لويس سواريز، الذي قاد البارسا إلى فوز كاسح بنتيجة 5-1، مسجلا “هاتريك” أنهى به حقبة المدرب جولين لوبيتيجي مع الفريق الملكي.
وكانت تلك الثلاثية، التي جاءت في غياب ليونيل ميسي المصاب، بمثابة شهادة ميلاد لبرشلونة جديد يتنفس الكبرياء حتى في أحلك الظروف.
لكن ما تلا تلك الليلة من تاريخ الكلاسيكو، يُعد بمثابة نذير شؤم يطارد الهجوم الكتالوني، قبل أيام جديدة من مواجهة الريال والبارسا على ملعب “سانتياجو برنابيو” في الجولة الـ10 من الليجا.
إرث معلق.. 7 سنوات من الانتظار
منذ أن أطلق سواريز صرخته الأخيرة بثلاثيته الشهيرة، لم يتمكن أي لاعب بقميص برشلونة من تكرار هذا الإنجاز في مرمى ريال مدريد. لقد مرت 7 سنوات، وتعاقبت أجيال من المهاجمين على “كامب نو” ثم “مونتجويك”، لكن سحر الـ”هاتريك” في الكلاسيكو ظل حكراً على ماضي سواريز.
غياب هذه الثلاثية ليس مجرد رقم إحصائي عابر؛ إنه مؤشر على تراجع القوة الضاربة والفعالية الهجومية لخط المقدمة الكتالوني في أهم مواجهة بالموسم.
كان لويس سواريز، بخصائص المهاجم رقم 9 “القاتل”، يمثل الضغط المتواصل، والحس التهديفي الفطري، والقدرة على إنهاء الهجمات من أنصاف الفرص. منذ رحيله في صيف 2020، مر برشلونة بمرحلة انتقالية صعبة شملت رحيل ميسي وتغييرات جذرية في الهيكلة، مما أدى إلى تشتت واضح في الأدوار الهجومية.
المشكلة لا تكمن فقط في غياب الـ “هاتريك”، بل في غياب الأداء الفردي الخارق الذي يمكن أن يحسم الكلاسيكو. أصبح برشلونة يعتمد على الحلول الجماعية والمساهمات المتعددة.
ريال مدريد يحتفل بالهاتريك
بينما يبحث برشلونة عن خليفة لسواريز، كان ريال مدريد يكتب 3 فصول جديدة من التألق الفردي في الكلاسيكو، حيث إنه في مارس 2022، دوّن كريم بنزيما اسمه بثلاثية رائعة في شباك برشلونة خلال نصف نهائي كأس الملك، ليقود فريقه لانتصار كبير على أرض “كامب نو”.
وفي يناير/ كانون الثاني 2024، سجل فينيسيوس جونيور “هاتريك” في نهائي كأس السوبر الإسباني أمام برشلونة، ليقود ريال مدريد للفوز على البارسا 4-1، كما أحرز المهاجم الفرنسي كيليان مبابي “هاتريك” في مباراة كلاسيكو الدور الثاني بالدوري الإسباني موسم 2024-2025، رغم أن فريقه ريال مدريد خسر المباراة أمام برشلونة 3-4.
انتفاضة برشلونة
نجح برشلونة، مدفوعا بانتفاضة هائلة خلال موسم 2024-2025، في تضييق الخناق على تفوق الريال التاريخي في عدد الانتصارات، ليجعل الفارق الإحصائي بين القطبين ضئيلا، لدرجة أن انتصارات قليلة قد تقلب موازين ظلت صامدة لعقود.
لطالما اعتمد الملكي على تقدمه التاريخي في عدد الانتصارات في “الكلاسيكو” كدليل على تفوقه المؤسسي الطويل الأمد.
لكن هذا التفوق بات هشا على نحو غير مسبوق، حيث يمتلك ريال مدريد 106 انتصارات، مقابل 104 انتصارات للبلوجرانا، بينما حضر التعادل في 51 مناسبة في مختلف البطولات الرسمية.
هذه الأرقام تشير إلى أن الفارق بين الفريقين في سباق الفوز لا يتعدى انتصارين فقط، وهي الفجوة الأضيق التي وصلت إليها الإحصائية في العصر الحديث.
الفارق المكون من انتصارين، يجعل فوزا جديدا لبرشلونة في البرنابيو، بمثابة تهديد بتحويل الصدارة إلى مجرد ذكرى في تاريخ ريال مدريد.
حقبة جديدة تحت قيادة فليك
يعود الفضل في هذا التضييق السريع للفارق الإحصائي إلى المدرب الألماني هانز فليك. ففي موسم 2024-2025، حقق برشلونة 4 انتصارات متتالية ورسمية على ريال مدريد، وهو إنجاز تاريخي بحد ذاته.
ولم يسبق لبرشلونة قط أن فاز بكل مبارياته في موسم واحد ضد غريمه التقليدي، في موسم يضم ثلاث مواجهات كلاسيكو رسمية على الأقل.
كما لم تقتصر انتفاضة برشلونة على الفوز فحسب، بل على الطريقة الغزيرة التي سحق بها النادي الملكي. فخلال هذه الانتصارات الأربعة المتتالية، أحرزت كتيبة المدرب فليك 16 هدفاً كاملاً، محطمة بذلك الرقم القياسي لعدد الأهداف التي يسجلها فريق واحد في شباك ريال مدريد خلال موسم واحد من الكلاسيكو.
ولعل أبرز تلك النتائج كانت الفوز الساحق 4-0 في سانتياجو برنابيو في أكتوبر/ تشرين أول الماضي، ضمن منافسات الدوري الإسباني، بالإضافة إلى التتويج بلقب كأس السوبر الإسباني بالفوز 5-2 في جدة.
هذه النتائج الكبرى هي التي أحدثت هذا التآكل السريع في رصيد ريال مدريد التاريخي.
شبح جوارديولا يطارد البرنابيو
الكلاسيكو المقبل يحمل في طياته رهانا تاريخيا، أكبر من مجرد تقليص الفارق، فإذا حقق برشلونة، انتصاره الخامس تواليا، فإنه سيعادل أطول سلسلة انتصارات متتالية له في تاريخ الكلاسيكو.
وقد سبق لبرشلونة أن حقق 5 انتصارات متتالية مرة واحدة فقط، وكانت تلك السلسلة الأيقونية قد امتدت من موسم 2008-2009 وحتى موسم 2010-2011، إبان العصر الذهبي لبيب جوارديولا.
وكانت تلك الفترة شاهدة على انتصارات كبرى، أبرزها الفوز 6-2 في البرنابيو عام 2009، والخماسية الشهيرة 5-0 في كامب نو.
وبالتالي فإن تكرار هذا الإنجاز تحت قيادة فليك، لن يكون مجرد فوز في سجل الدوري، بل سيكون إعلانا رسميا عن تدشين حقبة جديدة من الهيمنة الكتالونية، ومضاهاة للجيل الذهبي.
وعلى الجانب الآخر، يملك ريال مدريد الرقم القياسي لأطول سلسلة انتصارات متتالية بسبعة مباريات، والتي حققها بين عامي 1962 و1965.
"يلا شوووت (yallashooot.site)" هو موقع رياضي إلكتروني عربي متخصص في تغطية المباريات والبث المباشر لكرة القدم من مختلف أنحاء العالم، مع جدول محدث يوميًا، روابط مشاهدة متعددة الجودة، وأخبار رياضية دقيقة وحصرية.
إرسال التعليق