×

مباريات اليوم

باريس سان جيرمان يدمر صلاح.. وأرني سلوت يكمل المهمة

لم يكن الخروج أمام باريس سان جيرمان في ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، بالموسم الماضي، مجرد خسارة مؤلمة لليفربول، بل كان نقطة تحول فارقة في مسيرة النجم المصري محمد صلاح، الذي وجد نفسه بعدها في دوامة من التراجع الرقمي والفني، وسط زلزال تكتيكي هز أركان الفريق الذي تُوّج قبل أشهر قليلة بلقب الدوري الإنجليزي.

أرقام تصرخ: ما قبل باريس وما بعدها

قبل مواجهة باريس، كان محمد صلاح يعيش ذروة عطائه منذ وصوله إلى أنفيلد، وكان يسير بخطى ثابتة نحو المنافسة بقوة على جائزة الكرة الذهبية.

فقد خاض حتى تلك الليلة 46 مباراة في مختلف المسابقات، سجل خلالها 32 هدفًا وصنع 22، ليُصنّف بين أكثر لاعبي أوروبا إنتاجًا وتأثيرًا.

وفي الدوري وحده، أنهى الموسم الماضي بـ 29 هدفًا و18 تمريرة حاسمة، في موسم لامس فيه الكمال الفني والذهني.

صلاحوكالة حماية البيئة

لكن بعد وداع باريس، انطفأ وهج النجم المصري على نحوٍ غير مسبوق.

فمنذ تلك المباراة وحتى الآن، أي في 7 أشهر تقريبًا، لم يسجّل سوى 6 أهداف وصنع 5 فقط في 25 مباراة، أي أن معدله التهديفي هبط بأكثر من 70%.

ومع تراجع الأرقام، تراجعت الثقة والانسجام والقدرة على الحسم، لتتحول تلك الحيوية التي ميزته إلى حالة من الشرود في الملعب.

صلاح المظلوم لا المتراجع

في خضم الانتقادات اللاذعة التي يتعرض لها صلاح مؤخرًا، من محللين وجماهير وحتى بعض أساطير النادي، تغيب عن كثيرين حقيقة أساسية: صلاح ليس السبب في الأزمة، بل أحد ضحاياها.

فالرجل الذي قاد الفريق إلى القمة الموسم الماضي لم يتغير في جوهره، وإنما تغيّر العالم من حوله.

فقد قرر أرني سلوت، الذي حظي بإشادة واسعة بعد تتويجه بالدوري في موسمه الأول، فجأة أن يعيد صياغة فريقه بالكامل، كأنما النجاح السريع أغراه بالمغامرة.

أراد أن يبني “ليفربول جديدًا” على أنقاض النسخة المنتصرة، فهدم الانسجام الذي شكّل روح الفريق لسنوات.

فتحة Wirtzصور جيتي

بدأ التغيير من الأطراف التي كانت سر القوة؛ فبدلًا من الثنائي الذهبي أرنولد وروبرتسون، أدخل سلوت جناحين جديدين في الظهيرين الهولندي جيريمي فريمبونج والمجري كيركيز، وهما لاعبان هجوميان بطابع مختلف تمامًا عن سابقيهما.

وفي العمق الهجومي، جاء الألماني الواعد فلوريان فيرتز ليأخذ مركز اللاعب الحر خلف المهاجم، قبل أن يُضاف إلى المعادلة مهاجمان جديدان هما ألكسندر إيزاك القادم من نيوكاسل وهوجو إيكيتيكي من فرانكفورت.

هكذا تغيّر شكل المنظومة التي اعتاد صلاح أن يتحرك داخلها ببراعة.

لم يعد جناحًا يدخل إلى العمق ليقابل تمريرات أرنولد أو يتحول إلى رأس حربة ثانٍ خلف نونيز أو جوتا، بل صار أشبه بجناح تقليدي يلتصق بخط التماس، مكبّلًا بأدوار تكتيكية تحدّ من تحركاته الحرة التي طالما كانت سرّ خطورته.

تبدّل الأدوار وغياب الانسجام

تأثير هذه التحولات لم يتأخر في الظهور، وفي المباريات الأولى من الموسم الجديد، بدا صلاح متردّدًا، يبحث عن مساحات لم تعد موجودة، وعن تفاهمٍ كان بالأمس بديهيًّا مع أرنولد وروبرتسون.

تغيّر كل شيء، زوايا التمرير، توقيت الانطلاقات، وحتى طبيعة الكرات العرضية القادمة من الخلف.

وفي مواجهة مانشستر يونايتد الأخيرة، بلغ المشهد ذروته حين قرر سلوت استبدال صلاح في الدقيقة الخامسة والثمانين بينما كان الفريق بحاجة ماسة لهدف التعادل.

لم يُبدُ الجمهور دهشة أو غضبًا كما كان يحدث في عهد كلوب، بل بدا كأنه تقبّل النهاية الرمزية لعصرٍ كان فيه اسم محمد صلاح يُنقذ المباريات من العدم.

سلوت.. من التجديد إلى الانهيار

قد يقول البعض إن سلوت لم يفعل سوى ما يفعله أي مدرب طموح: تطوير الفريق، تجديد الدماء، البحث عن هوية جديدة.

لكن التوقيت والجرعة كانا قاتلين، فالتغييرات الكثيرة والمتزامنة في خطوط مترابطة أخلّت بتوازن منظومة كانت تعمل كآلة دقيقة.

وما كان يزيد الطين بلّة أن المدرب الهولندي كان يخطط لإضافة تغيير سادس عبر ضم المدافع مارك جويهي من كريستال بالاس، لولا فشل الصفقة في اللحظات الأخيرة.

وربما كان ذلك الفشل نعمة مقنّعة، إذ أن الفريق بالكاد يحتمل ما طرأ عليه من تبدلات.

تشيلسي - ليفربول - الدوري الإنجليزيصور جيتي

اليوم، يظهر صلاح وكأنه غريب في فريقه، فلا أرنولد خلفه يمنحه التمريرات البينية القاتلة، ولا روبرتسون في الجهة المقابلة يوازن الهجوم بعرضياته، ولا فيرمينو أو لويس دياز يفتحان له المساحات.

حتى إيزاك، القادم الجديد، يميل إلى التحرك في المنطقة نفسها التي كانت دومًا مسرح إبداع صلاح.

أما فيرتز، الذي يتمتع بمهارة فنية مدهشة، فيحتفظ بالكرة أكثر مما يجب، فيقطع الإمداد عن الجناح المصري الذي يعيش عزلة تكتيكية خانقة.

صلاح بين إرث الماضي وضباب المستقبل

إن التراجع الحالي لا يعكس انحدارًا في قدرات محمد صلاح، بل فشلًا في توظيفه داخل منظومة جديدة لم تُبنَ بعد.

اللاعب الذي سجل 34 هدفًا وصنع 23 في الموسم الماضي لا يمكن أن يفقد موهبته في بضعة أشهر، لكنه يحتاج إلى منظومة تستوعب خصائصه وتستثمر ذكاءه الهجومي الفريد.

لقد أخطأ سلوت حين ظنّ أن النجاح يمنحه الحق في إعادة اختراع الفريق من الصفر، فليفربول لم يكن بحاجة إلى ثورة، بل إلى استمرارية محسوبة، تحفظ الانسجام وتضيف إليه لمسة تطور، لا أن تطيح بما صنع المجد.

محمد صلاح ليس سبب أزمة ليفربول، بل مرآتها الأوضح، فكما يعاني الفريق من غياب التوازن والتفاهم، يعاني نجمه الأكبر من افتقاد البيئة التي سمحت له بأن يكون أحد أعظم اللاعبين في تاريخ النادي.

وربما آن الأوان لسلوت أن يتوقف عن التجريب ويدرك أن الحفاظ على روح الفريق القديمة قد يكون الطريق الوحيد لإحياء صلاح من جديد.

فما دمّره باريس سان جيرمان في ليلةٍ أوروبية حزينة، أكمله أرني سلوت بقراراته غير المحسوبة في موسمٍ بدأ كحلمٍ ذهبي وتحول إلى كابوسٍ تكتيكي يخنق النجم المصري ويهدد مجد الفريق.

Source link

"يلا شوووت (yallashooot.site)" هو موقع رياضي إلكتروني عربي متخصص في تغطية المباريات والبث المباشر لكرة القدم من مختلف أنحاء العالم، مع جدول محدث يوميًا، روابط مشاهدة متعددة الجودة، وأخبار رياضية دقيقة وحصرية.

إرسال التعليق

ربما قد فاتك