عاد من الموت.. يايسله “ماكينة ألمانية” تجاوزت حدود المنطق
“عاد من الموت”.. عبارة كثيرًا ما تُستخدم لتصوير لحظة نجاة غير متوقعة، من وضع بالغ الصعوبة، وبقدر ما ترتبط بالمجال الطبي، فإنها تنطبق تمامًا على الحالة الفنية للمدرب الألماني ماتياس يايسله، الذي نجح في قلب التوقعات، وواصل رحلته مع أهلي جدة.
وفي مساء اليوم الخميس، أعلن أهلي جدة، خبرًا سارًا لعشاقه ومحبيه، وهو تجديد عقد يايسله حتى صيف 2027، بعد نجاحه المُبهر خلال الفترة الأخيرة.
عاد من الموت
يمكن وصف رحلة يايسله مع الأهلي، على أنها عودة من الموت، نظرًا للظروف الصعبة التي عاشها المدرب من الإدارة قبل وسائل الإعلام.
يايسله تعرض لانتقادات لا حصر لها ومطالبات بإقالته، بسبب تذبذب النتائج على المستوى المحلي في الموسمين الماضيين، وهو ما دفع الإدارة للموافقة على إقالته.
لكن جماهير “الراقي” لعبت دورًا بارزًا في الإبقاء على المدرب، بالاحتشاد أمام بوابات النادي وإطلاق الهاشتاجات عبر منصة “إكس”، وذلك إيمانًا منها بالأفكار التي يقدمها، رغم ضعف الإمكانيات، مقارنة بالمنافسين.
وبالفعل، نجحت الجماهير في الإبقاء على يايسله، بعد أن كان على بعد خطوة واحدة فقط من مغادرة النادي، وتعيين الإيطالي ماسيميليانو أليجري خلفًا له.
ورغم ذلك، عاد يايسله للظهور بشخصية أكثر صرامة وقوة في القرارات الفنية والانضباطية، مما تسبب في سيطرة كاملة على غرفة خلع الملابس المليئة بمجموعة من النجوم الكبار.
تجاوز حدود المنطق
الهدف الأبرز من ثورة الجماهير، كان يعود لرغبتها في استقرار الفريق، مع تحسين بعض الأمور الداخلية من أجل العودة لمنصات التتويج.
ولم يتوقع أكثر المتفائلين، ما حدث في غضون أشهر قليلة فقط، فبعد أن كان يايسله خارج أسوار النادي، تزامنًا مع تراجع نتائج الفريق، فقد تحولت الدفة 360 درجة نحو النجاح والوصول للقمة.
المدرب الألماني على الرغم من صغر سنه، إلا أنه تجاوز حدود المنطق، بالتفوق على الأندية الكبرى محليًا وقاريًا، ومدربيها أصحاب الخبرات الطويلة في ملاعب كرة القدم، أمثال البرتغالي جورجي جيسوس.
غيتي الصور
يايسله استطاع قيادة الأهلي نحو تحقيق لقب دوري نخبة آسيا للمرة الأولى في تاريخ الفريق، بدون أي هزيمة، بالإضافة للتفوق على الهلال المُرشح الأبرز للقب في نصف النهائي (3-1).
جاء ذلك، بعد أشهر قليلة من إسقاط الهلال على ملعبه في دوري روشن (2-3)، لينهي عقدة أهلاوية دامت لسنوات طويلة، عجز عن فكها، الكثير من المدربين الكبار.
ولم يكتف بذلك، بل قاد الأهلي لتتويج استثنائي عبر بوابة السوبر السعودي، بعد غياب دام 9 سنوات عن التتويج المحلي، رغم أن الترشيحات كانت تصب في صالح النصر والاتحاد.
واستطاع يايسله أن يكتسح القادسية في نصف النهائي (5-1)، رغم أن الخصم مدجج بالنجوم، وعلى رأسهم الإيطالي ماتيو ريتيجي.
وواصل بعدها سطوته على أحد أعظم المدربين في السنوات الأخيرة، وهو جيسوس الذي يعد الأكثر تتويجًا بلقب السوبر السعودي، وذلك بإسقاط عرشه مع النصر في النهائي الأول بينهما عبر ركلات الترجيح (5-3).
وجاء ذلك، بعد مباراة تكتيكية بارزة لعبها الطرفان، ولكنها ابتسمت للمدرب الألماني المجتهد، ليتفوق على جيسوس للمرة الثالثة تواليًا، متجاوزًا حدود المنطق.
وبالتالي، فإن يايسله قدم جميع الأوراق المطلوبة، ليرد على جميع المشككين في قدراته، ويثبت أنه ليس مجرد مدرب شاب في بداية مسيرته، بل قائد فني يمتلك رؤية واضحة وقدرة عالية على التعامل مع الضغوط.
إرسال التعليق