
الميركاتو السعودي.. بين سطوة المال ودهاء التخطيط (هيرو ستوري)

عند الحديث عن الميركاتو الصيفي، تتجه عقول وأعين محبي كرة القدم إلى الدوريات الأوروبية، لأنها تحمل الكثير من الإثارة النابعة من الصفقات المدوية والقرارات المفاجئة، وغيرها من الأمور.
لكن في السنوات الأخيرة، نجح الدوري السعودي في وضع نفسه على الخريطة العالمية، فلم يعد مجرد دوري إقليمي يتابع أخباره محبو الكرة في الداخل فقط، بل أصبح حديث الصحافة العالمية ومنصات التواصل.
صفقاته لم تعد تقل إثارة عن نظيراتها في إنجلترا أو إسبانيا أو إيطاليا، بل بات الميركاتو السعودي محطة يترقبها الجمهور بشغف، حيث تتقاطع المفاجآت، وتظهر أسماء من العيار الثقيل.
دوري عالمي
بحسب الأرقام المعلنة بعد نهاية الميركاتو، فقد أنفقت أندية دوري روشن السعودي ما يقارب 462.73 مليون يورو، مقابل إيرادات بلغت نحو 135.42 مليون يورو.
وتكشف هذه الأرقام عن سياسة توسعية واضحة، تقوم على الاستثمار الرياضي طويل الأمد، وترسيخ صورة الدوري كوجهة مفضلة لنجوم كرة القدم العالميين.
غيتي الصور
وتواجد الدوري السعودي في المرتبة السادسة في قائمة الدوريات الأكثر إنفاقًا بالميركاتو، خلف الدوريات الخمسة الكبرى: الإنجليزي، والإيطالي، والإسباني، والفرنسي، والألماني، وفقًا لما ذكره موقع “ترانسفير ماركت”.
وتربع نيوم الصاعد حديثًا لدوري روشن على عرش الأندية السعودية الأكثر إنفاقًا بالميركاتو، ثم جاء القادسية في المرتبة الثانية، وهو ما يبرهن على دخول الشركات الاستثمارية في عملية تطوير المسابقة ومنافسات الأندية العريقة كالهلال والاتحاد والأهلي والنصر.
واحتل الهلال المرتبة الثالثة ثم النصر والاتحاد والأهلي على الترتيب، حل النجمة والشباب بعدهما.
صفقات نارية
دخول الدوري السعودي في قائمة الأندية الأكثر إنفاقًا، يعود إلى التعاقد مع العديد من الصفقات النارية، استمرارًا لسياسة صندوق الاستثمار التي بدأت في يناير/كانون ثان 2023، عندما انضم الأسطورة البرتغالي كريستيانو رونالدو للنصر.
وشهد صيف 2025، قدوم العديد من الأسماء العالمية الجديدة، حيث تعاقد النصر مع البرتغالي جواو فيليكس (تشيلسي)، الفرنسي كينجسلي كومان (بايرن ميونخ)، والإسباني إنيجو مارتينيز (برشلونة)، بجانب الصفقات المحلية.
أما أهلي جدة، فقد تمكن من ضم عدة أسماء أجنبية شابة، متمثلة في الفرنسيين إنزو ميلوت (شتوتجارت)، فالنتين أتانجانا (ستاد رينس)، والبرازيلي ماثيوس جونسالفيس (فلامنجو).
وسار اتحاد جدة على درب جاره، باستقطاب 3 أسماء شابة أيضًا، متمثلة في المالي محمدو دومبيا (رويال أنتويرب)، البرتغالي روجر فيرنانديز (سبورتنج براجا)، والصربي يان كارلو سيميتش (أندرلخت).
في المقابل، استطاع الهلال ضم الأوروجواياني داروين نونيز (الهلال)، الفرنسي ثيو هيرنانديز (ميلان)، التركي يوسف أكتشينيك (فنربخشة)، الفرنسي ماتيو باتوييه (أولمبيك ليون).
غيتي الصور
ونجح القادسية في حسم عدة صفقات أجنبية كبرى، يأتي في مقدمتها هداف النسخة الماضية من الدوري الإيطالي ماتيو ريتيجي قادمًا من أتالانتا، فضلاً عن البرتغالي أوتافيو مونتيرو من النصر والغاني كريستوفر بونسو باه.
وبطبيعة الحال، تنتظر الجماهير السعودية الإضافة من هذه الأسماء، وخاصة ريتيجي ونونيز في صراع الهدافين، بالإضافة لقدرة اللاعبين الشباب على إثبات نفسهم، مثلما فعل ميلوت مع الأهلي في أولى تحديات الموسم.
الدهاء والسطوة
إذا وضعنا عنوانًا لهذا الميركاتو، فيجب أن يجمع بين سطوة المال ودهاء التخطيط، فهناك عدة أندية واصلت سياستها في إنفاق مبالغ مالية ضخمة، مثل الهلال والنصر والقادسية على وجه التحديد، قبل أن ينضم إليها نيوم.
وهناك أندية أخرى، تعاملت مع الميركاتو بدهاء كبير، عبر إنفاق مبالغ أقل، باستقطاب لاعبين شباب بجودة عالية، وخاصة الأهلي والاتحاد.
اتجه النصر لضم عناصر تتمتع بالخبرة، مثل فيليكس وكومان ومارتينيز، بجانب صفقات محلية كلفته الكثير من الأموال، وهو نفس الحال بالنسبة للقادسية ونيوم.
لكن عند الحديث عن الأندية التي أنفقت مبالغ عالية، فيجب الإشارة لنجاح الهلال في الوقت ذاته إلى الجمع بين المال وتلبية الاحتياجات، فقد استطاع ضم الثنائي الشاب أكتشيشيك وباتوييه، ضمن عناصر المستقبل.
أما الاتحاد، فقد قرر توفير الإنفاق على صفقات كبرى بمبالغ باهظة، واكتفى بدفع 54 مليون يورو تقريبًا على 3 صفقات شابة، حيث رفضت الإدارة استقطاب البرتغالي رودريجو مورا من بورتو، مقابل 70 مليونًا.
وبالتالي، فإن الاتحاد وفر حوالي 16 مليون يورو، بالإضافة لضم عناصر شابة بنفس الجودة بالمراكز الناقصة، ما يبرهن على دهاء التخطيط.
وسار الأهلي على النهج ذاته، بتدعيم وسط الملعب بالثنائي الشاب ميلوت وأتانجانا، بجانب جونسالفيس بخط المقدمة، مع كسب الأموال من بيع البرازيليين ألكسندر وروبرتو فيرمينو والإسباني جابري فيجا.
ويبرهن ذلك على النجاح الإداري للأهلي، بعد تحقيق النسخة الماضية من نخبة آسيا، وافتتاح الموسم الجاري، بالسوبر المحلي على حساب النصر.
ضغوطات منتظرة
من المنتظر أن تواجه الأندية التي أنفقت أموالاً ضخمة، عدة ضغوطات قوية خاصة الثلاثي الجماهير المتمثل في النصر والهلال والقادسية.
النصر يبتعد عن منصات التتويج منذ سنوات طويلة، وبالتالي فإنه لا يمتلك رفاهية السقوط أمام جماهير غاضبة، لن تقبل سوى بتحقيق بطولة كبرى على الأقل.
أما الهلال، فقد عانى الموسم الماضي، بخسارة ألقاب الدوري وكأس الملك ونخبة آسيا، لذا فإنه سيكون مطالبًا بمصالحة جماهيره، خاصة بعد استقطاب مجموعة مميزة من اللاعبين.
في المقابل، تحلم الجماهير القدساوية بتحقيق الألقاب، بعدما أصبح فريقها لا يقل قوة عن أندية النخبة، علمًا بأن الخسارة أمام الأهلي (1-5) في نصف نهائي السوبر الأخير، تركت حالة من الاحتقان لدى محبي النادي.
صحيح أن الأهلي والاتحاد سيواجهان ضغوطات من أجل الحفاظ على الألقاب التي توجا بها الموسم الماضي، ولكنها لن تكون بنفس قدر الأندية التي استطاعت الإنفاق كيفما شاءت.
لكن في الوقت ذاته، لن تقبل جماهير جدة التي تنقسم بين الأهلي والاتحاد، سوى بالمراكز الأولى، نظرًا لعراقة الناديين والتحديات التي تنتظرهما.
"يلا شوووت (yallashooot.site)" هو موقع رياضي إلكتروني عربي متخصص في تغطية المباريات والبث المباشر لكرة القدم من مختلف أنحاء العالم، مع جدول محدث يوميًا، روابط مشاهدة متعددة الجودة، وأخبار رياضية دقيقة وحصرية.
إرسال التعليق